جوجل تتطور دائما، لكن بعض الأشياء في عالم البحث لا تتغير أبدًا، وهذا ما يتضح عند البحث من خلال محرك البحث الشهير.
أحد هذه الأمور هو وجود ويكيبيديا في مقدمة نتائج البحث غالبا، وهذا من الاستفسارات حول المنتجات والعلامات التجارية إلى المشاهير والأحداث السياسية والإجتماعية والفنية والتاريخية، لا تزال الموسوعة الحرة تتصدر معظم نتائج البحث، حتى في الوقت الذي تتغير فيه عاداتنا كمستخدمي محركات البحث (مع تزايد تأثير الصوت والجوّال)، وبينما تعمل جوجل نفسها على تحقيق نتائجها بشكل أكبر بديهية ومليئة بالميزات الغنية.
تتمتع الموسوعة العالمية بالملايين من المستخدمين والزوار شهريا، وهذا بفضل حركة الزيارات التي تأتي من مصادر متعددة ومنها بالطبع نتائج بحث جوجل.
ورغم ظهور موسوعات عالمية أخرى ومنافسة، والكثير من المنصات المتخصصة أيضا في التعليم والثقافة وتقديم أجوبة أكثر عمقا عن أسئلة الباحثين استمرت هيمنة ويكيبيديا لعام 2018، ولكن لماذا؟
الترتيب الطبيعي
حتى في عام 2018، لا تزال نتائج البحث المجانية هي التي تسيطر على صفحات نتائج بحث جوجل وهي قائمة بصفحات الويب التي تراها ذات صلة بطلبك استنادًا إلى عدد من العوامل مثل الحجم، وقيمة المحتوى، وعدد المواقع الأخرى المرتبطة به.
ما لا يثير الدهشة، فإن صفحات ويكيبيديا لا تزال تقوم بهذه المهمة عندما يتعلق الأمر بالظهور في نتائج المجانية من جوجل خلال 2018، تتمتع المنصة بسلطة هائلة، وقد تم إنشاؤها منذ ما يقرب من 20 عامًا، وتضم الآن ما يقرب من 6 ملايين صفحة محتوى، هذا يعني أنها حصلت خلال العشرين عاما الماضية على الكثير من الباك لينكس الطبيعي، خصوصا من مواقع الويب التي تشير إليها كمرجع إضافي للمواد التي تنشرها.
يحافظ حوالي 35 مليون محرّر مسجّل على التغيير والتبديل إلى محتوى الموقع، بالإضافة إلى عدد لا يحصى من المستخدمين الذين يجرون تغييرات دون تسجيل الدخول، بالإضافة إلى ذلك يتفحص أكثر من ألف مسؤول ما إذا كان ينبغي الاحتفاظ بالتغييرات أو التراجع عنها والتحقق منها، وهذا يضمن تعديل الموقع على مدار الساعة، وتحرص جوجل دائمًا على تصنيف المواقع التي يتم تحديثها بشكل نشط.
من جهة أخرى هناك ترابط داخلي قوي بين الصفحات والمعلومات بداخل الموسوعة نفسها، وهو ما يعطي قيمة جيدة للمنصة ويساعد على ابقاء المستخدمين بها لفترات طويلة.
المقتطفات المميزة
تعمل ويكيبيديا بشكل جيد عندما تبقى مرئية في أجزاء أخرى من نتائج البحث أيضًا، المقتطفات المميزة هي المربعات على صفحات نتائج جوجل التي تظهر أعلى النتائج الطبيعية، إنهم يسعون إلى تقديم إجابة موجزة عن سؤال الباحث، دون أن يحتاج المستخدم إلى النقر فوق نتيجة البحث.
لا توجد علامات تعرضها ويكيبيديا على صفحاتها حتى يتم تضمين محتواها في المقتطفات المميزة، بل هي قوة محتوى الموقع والتي عادة ما تظهر ملخصًا موجزًا وواضحًا.
الناس يسألون أيضا
ويترتب على ذلك أنه في حالة تضمين جوجل لمقالات ويكيبيديا في مقتطفاتها المميزة، فإنها تحتفظ أيضًا بمشاهدة في مربعات “الناس يسألون أيضا” في محرك البحث.
مرة أخرى تزحف جوجل إلى هذا المحتوى وتسليمه برمجيًا، عند البحث عن “midterms 2018″، فإن خوارزمية جوجل ذكية بما فيه الكفاية لفهم أن الباحثين يطلبون المزيد من الأسئلة الطويلة حول مصطلح البحث هذا، وحتى إذا لم تكن ويكبيديا موجودة في القوائم المجانية لا تزال تتلقى بعض الظهور والحركة بفضل محتواها الواضح والموجز والقابل للفهرسة.
مربع المعرفة والرسوم البيانية
تظهر الرسوم البيانية المعرفة في الجانب الأيمن من صفحة نتائج البحث، وعادة ما تحتوي على مقتطف من النص الملخص.
يتم إنشاؤها جزئيًا من جوجل بالاستناد إلى المحتوى الذي تزحف إليه الخوارزمية برمجيًا (كما هو الحال في المقتطفات المميزة)، بالإضافة إلى ما تم ترميزه لتنبيه محرك البحث إلى تفاصيل مفيدة، يمكن أن تزيد الأنشطة التجارية من فرص تضمينها في الرسوم البيانية للمعرفة عن طريق الاشتراك في “نشاطي التجاري على جوجل” وإضافة المعلومات الضرورية إلى ملفها الشخصي، وكذلك عن طريق استخدام العلامة في الموقع.
تستخدم جوجل بشكل متكرر محتوى الموسوعة الشهيرة من أجل تعبئة الرسوم البيانية المعرفية، ومرة أخرى من المحتمل أن يكون هذا بسبب السلطة الطبيعية للموقع والنص الذي يسهل الزحف إليه.
قيمة المحتوى ومصداقيته
لا تريد جوجل أن تتحول إلى منصة لعرض الأجوبة الخاطئة على المستخدمين، خصوصا وأن الملايين من المستخدمين يصدقون الأجوبة الفورية التي تظهر لهم عند البحث عن أي موضوع.
لهذا فإن خوارزمياتها التي تعمل بشكل تلقائي ودون تدخل بشري في غالب الأحيان تفضل ويكيبيديا، لكونها معروفة بان هناك آلاف المحررين والمدققين والمحققين في المعلومات الذين يعملون على مراجعة التعديلات والإضافات الجديدة قبل الموافقة على نشرها.
لماذا ستعطي الثقة لموسوعة أخرى منافسة أو موقع إلكتروني إخباري أو مدونة يمكنها أن تروج لأخطاء أو لوجهة نظر تخدم مصالحها التجارية؟
فمن المعلوم أن ويكيبيديا لا تعرض الإعلانات ولا تربح بهذه الطريقة، ولا تتعامل مع الرعاة والمعلنين والعلامات التجارية أو تعمل على تعديل محتوى لهم بمقابل مادي أو تتلقى تبرعات من جهات يطلبون منها دعم وجهة نظر معينة أو توجه معين، هذه الممارسات شائعة في الويب وفي الكثير من الموسوعات الأخرى وهو ما تعرفه جوجل، لهذا فهي تفضلها.
هذا لا يعني أن ويكيبيديا موقع خال من الأخطاء الإملائية والنحوية والأكاذيب والأخبار المزيفة والمعلومات الخاطئة لكن على الأقل نسبتها قليلة جدا، وأقل الأضرار بالنسبة لمحرك البحث العالمي هو الإعتماد عليها ثم عرض المنافسين في المراتب التالية بنتائج البحث دون قمع لهم.
الجميل أن ويكيبيديا يمكن ان لا تكون في مقدمة نتائج البحث وهذا لصالح مواقع ومدونات متخصصة تقدم اجابات أفضل وذات مصداقية، ما يعني أن المدونات المتخصصة والموثوقة لديها فرص للتفوق عليها، لكن بناء موسوعة شبيهة ومحاولة التفوق أمر صعب للغاية.