الاستهداف الإعلاني وتحقيق الأهداف
يعتقد الكثيرون أن التسويق والإعلان هما شيء واحد، فإذا كنت واحدا من هؤلاء فعليك أن تصحح هذه النظرة لأنها خاطئة تماما، فالعمليات الترويجية أو الإعلانية هي جزء واحد فقط من العملية التسويقية المتكاملة والتي تشمل جوانب أخرى متعددة، فالتسويق الحديث يهدف إلى دراسة رغبات واحتياجات المستهلك لتقديم المنتج الذي يشبع هذه الرغبات، وبالتالي فإن هناك الكثير من الوظائف التي تقوم بها الإدارة التسويقية ولا يقتصر الأمر على العملية الإعلانية فقثط، ويمكن مراجعة مقال التسويق بين الأمس واليوم وكذلك التسويق التقليدي والتسويق الإلكتروني، هل هناك فرق؟ لقراءة المزيد من التفاصيل.
بعد هذه المقدمة البسيطة وبعد أن عرفت أن الإعلان ليس سوى جزء بسيط من التسويق، يمكن أن ننتقل الأن إلى الحديث حول المحور الرئيسي لمقالنا هذا والذي نرغب أن نسلط الضوء فيه على الاستهداف الإعلاني في شبكة الإنترنت، فالإعلان المنجز بطريقة عشوائية ودون دراسة لا يمكن أن يحقق الفوائد المرجوة، ولذا أنصحك أن تعد كوبا من القهوة وتجلس باسترخاء وتكمل قراءة الأسطر القادمة بتركيز تام.
لو كنت صاحب موقع متخصص في تقديم الخدمات البرمجية لأصحاب المواقع، وكان أمامك خياران إعلانيان، الأول عبارة عن بانر إعلاني في موقع ألعاب يبلغ عدد زواره 100,000 زائر شهريا، وتبلغ تكلفة الإعلان فيه 200 دولار للشهر الواحد، والخيار الثاني أن تستخدم إعلانات Google AdWords بمعدل استهلاك 15 دولار يوميا، أي بحدود 450 دولار شهريا فأي من هاذين الخيارين تختار؟
مهلا مهلا، يبدو أنك قد قفزت كثيرا للأمام، فقبل أن تنظر للخيارات المتاحة، هل درست أهدافك الإعلانية أولا؟ خذ ورقة وقلم واكتب الأهداف العامة للإعلان، حدد هل الهدف الرئيسي زيادة المبيعات، أم التعريف بموقعك، أيضا ما هي خصائص الفئة المستهدفة، ما هي خصائصهم الديموغرافية مثل الجنس والفئة العمرية، وهل تريدهم من بلد معين، ما هي اهتمامتهم، هل يجب أن يكونوا من أصحاب المواقع في الوقت الحالي ، أجب عن كل ذلك وحدد أي تفاصيل تراها مهمة قبل أن تكمل الخطوات التالية.
جيد، لقد حددت أهدافك الإعلانية ووضحت التفاصيل المختلفة للفئة المستهدفة، ولكن قف قليلا، ما هي الميزانية المحددة للإعلانات، 100 دولار، أو 200 أو حتى 10,000، لا يمكنك التقدم أكثر دون تحديد ميزانية واضحة، وهل ترغب بأن تضع ميزانية لحملة إعلانية واحدة، أو ترغب بتحديد ميزانية للشهور الثلاثة القادمة، أو أن تكون ميزانيتك للسنة كاملة، هل درست أولا حجم السيولة المتوفرة ووضعت كل شيء في نصابه، وهل هناك أولويات أخرى قبل الإعلانات لم تحدد لها نصيبا من الميزانية، سجل كل ذلك في الورقة التي أمامك وأجري كل حساباتك بدقة ومن ثم حدد الأسلوب الذي ترغب بإتباعه لتمويل الإعلانات وما هي الميزانية المخصصة لذلك.
لنرجع الأن إلى الخياران الإعلانيان اللذان ذكرناهما بالأعلى، فالأول عبارة عن بانر إعلاني في موقع ألعاب والثاني عبارة عن إعلان على منصة Google AdWords، فأول خطوة يجب التفكير فيها هي أي من الإعلانين يحقق أهدافنا المرسومة؟ لو فكرنا قليلا بموقع الألعاب فعلينا أن نتساءل ما هي طبيعة الزائرين لهذا الموقع، وهل هؤلاء الزائرين يتناسبون مع الفئة المستهدفة في إعلاننا، موقع الألعاب بعيد جدا عن عالم البرمجة، وبالحسابات المنطقية فإنه ليس من المتوقع أن تكون الفئة المستهدفة بالإعلان لموقعك المتخصص في الخدمات البرمجية موجودة في هكذا موقع، وحتى لو فرضنا أن هناك من المهتمين بهذا المجال من يزورون موقع الألعاب هذا، فالاحتمال هنا ضعيف ولا يمكن البناء عليه، وبالإضافة لكل ذلك فإن البنرات الإعلانية لا تشكل البديل الأمثل في وقتنا هذا، خصوصا إن كانت تعتمد على المدة لا على عدد النقرات، فقد يعرض إعلانك عشرة ألاف مرة في اليوم ولا تحصل إلا على 10 زائرين!
لننظر الأن للبديل الأخر وهو إعلانات Google AdWords، حيث أن جوجل تمتلك شبكة ضخمة من الناشرين، وهؤلاء الناشرون يختلف حجم مواقعهم وتخصصاتها، وهذا يعني إتاحة الفرصة لك للوصول إلى الفئة المستهدفة في أماكن متعددة، فجوجل لا تعتمد في عرضها للإعلانات على تخصص الموقع فقط، بل أن اهتمامات الزائر تؤخذ بالحسبان أيضا، فلو افترضنا أن موقع الإعلانات الذي تحدثنا عنه بالأعلى هو من الناشرين لإعلانات جوجل؛ فمن الممكن أن يظهر إعلانك عليه إذا كان الزائر لذلك الموقع لديه اهتمام بهذا المجال، وذلك لأن جوجل يحتفظ بسجلات كاملة حول الزائر واهتماماته، سواء من خلال عمليات البحث التي يجريها أو أي عمليات أخرى لها ارتباط بجوجل، ولا ننسى أيضا أن جوجل يتيح خيارات دقيقة جدا للاستهداف ومنها على سبيل المثال لا الحصر، تحديد الدول والمدن، اهتمامات الفئة المستهدفة، الفئات العمرية، وغيرها من الخيارات، كما يتيح إمكانية إدارة الميزانية بشكل متميز والتي تشمل أمورا عدة مثل إمكانية تحديد الميزانية اليومية، وأعلى سعر للنقرة الواحدة، وغيرها من الخيارات.
قد تتساءل الأن، هل يعني ما ذكر بالأعلى أنه من الأفضل دائما استخدام إعلانات Google AdWords أو شبكات الـ PPC الأخرى؟ والإجابة على هذا التساؤل هي لا، فما ذكرته بالأعلى هو مجرد مثال للمقارنة بين الخيارين اللذين بدأت بهما هذا المقال، فالإمكانيات الهائلة التي توفرها جوجل والتي تجعل منها خيارا مناسبا في كثير من الأحيان لا يعني أنها الخيار الأمثل دائما، بل أن الفكرة تعتمد على اختيار القنوات الإعلانية التي تصل بك إلى الأهداف الإعلانية المرسومة وتصب في النهاية لتحقيق الأهداف التسويقية العامة، فأي طريق يؤدي إلى هذا الغرض بأفضل نتيجة متوازنة بين التكلفة والأداء هو الخيار الأفضل دائما.
قد يكون الإعلان في احد المواقع المتخصصة في تقديم دروس البرمجة مثلا خيارا مناسبا لموقعك، ولكن الأمر يحتاج إلى دراسة البدائل المختلفة لتحديد الأفضل، فلا يمكن أن يكون الاختيار عشوائيا لأن هذا لن يؤدي إلى تحقيق النتائج التي تسعى للوصول إليها.
خلاصة القول، عليك دائما أن تحدد أهدافك الإعلانية، وبناء على هذه الأهداف ووفقا لطبيعة موقعك، منتجك، أو خدمتك المعلن عنها عليك أن تحدد الفئة المستهدفة بشكل دقيق، ومن ثم حدد الميزانية الإعلانية، وادرس البدائل الإعلانية المتوفرة لتتمكن من اختيار البديل الذي يوصلك إلى أهدافك.
شكرا على المعلومات اخي الكريم ….
مقال رائع شكرا على هذا المجهود
شكراً لك ابو الحسن